حول الحركة الكشفية العالمية
ولادة فكرة التأسيس للحركة الكشفية
كان في كندا ضابط إنكليزي يدعى روبيرت بادن باول. رأى أحد مدرّبي الغابات هناك يعلم الأطفال تسلق الأشجار والاختفاء بين الأدغال والغوص في الأنهار والجداول وعيشة العراء … فقويت أجسامهم وأصبح باستطاعتهم أن يقاوموا الطبيعة في جميع الظروف.. مستعدين لتلقي المفاجآت الواثبة من وحش مفترس أو هندي مغير. يتسلقون الشجر كالقرود ويندفعون في الماء كالسمك ويثبون على الأرض كالفهود يقظين في كل حين. فشجعهم ضابطنا ( بادن باول ) وهنّأ المدرب على جهوده ولاحت في نفسه فكرة مغمضة تفتحت بعد حين حينما سافر إلى إفريقيا ليستلم وظيفته هناك كضابط في حرس مدينة مافكينغ ((Mafeking)) وكانت هذه المدينة في حالة آمنة مطمئنة لم يخطر ببال أحد أنها ستكون هدف مهاجمات عنيفة يوماً ما ….
لما أخذت الحكومات الأوروبية تستعمر أفريقيا، كان الهولانديون أول من سبق إلى استعمار جنوبها وهو ما يسمى بالكاب ((Cap)) أو مستعمرة الناتال. وسكنوا فيها مدة إلى أن هاجمهم الإنكليز فأجلوهم عنها رويداً رويدا. فأخذوا يتقلصون إلى الشمال ويتداخلون بين الغابات والأحراج المكتظة ليتواروا عن عيون أعدائهم ريثما يسترجعون قواهم ليهاجموا المغتصبين من جديد. لا على أصول حرب منظمة بل حرب عصابات.. وكان الإنكليز يسمونهم البوير ((Boers))… وقد هاجم هؤلاء البوير مدينة مافيكينغ مرة مهاجمة عنيفة مفاجئة فقتلوا من حاميتها عدداً كبيراً وأوشكوا أن يسلبوها لولا أن استدرك قائد الحامية اللورد سيسيل ((Cicil)) عواطفه وكبح جماح خوفه وأنشأ من الفتيان الأحداث فرقة منظمة قامت مقام من فقد من الجند وسهلت المواصلة على دراجاتها بين الحامية والمدينة ومراكز الدفاع. فساد النظام بعد الفوضى والبلبلة ونجح اللورد بدفاعه عن المدينة نجاحاً باهراً وسجل اسمه في عداد العظماء .. ولكن لا ننسى أنّه بنى عظمته على جرأة الفتيان.. فقد كان واحدهم يجتاز خط الموقعة على دراجته يحمل البريد والمؤن بقلب ثابت وملاحظة حادة لا خوف ولا تردد أمام ألسنة الموت التي تندلع من أفواه البنادق والمدافع.
رأى ضابطنا بادن باول هذا الحادث فأثر في نفسه وأدرك أن باستطاعة الفتى أن يكون رجلاً تام الرجولة إذا عودته الاعتماد على نفسه واتكلت عليه .. وأن يحب أن يكون على استعداد للطوارئ.
وكتب في ذلك كتاباً سماه (( الكشفية للفتيان )) وانتشر في بريطانيا انتشاراً هائلاً بسرعة عجيبة .. ولما رجع إلى إنكلترة عام 1907 سعى في تأسيس أول فرقة كشفية من الفتيان، حيث لاقاها الإنكليز بكل ترحاب وانتشرت بعد ذلك في جميع أنحاء العالم.
( أعلن تأسيس الفرقة الكشفية الأولى رسميّاً 1 آذار 1907)